الإنسان جوهر التنمية البشرية

الإنسان جوهر التنمية البشرية

4220     06 / 10 / 2018

إن تفحص  مواثيق الأمم المتحدة وتقارير برامجها الإنمانية تجعل الباحث يستخلص أن الإنسان يشكل جوهر التنمية البشرية ، فلا تنمية بدون إنسان ، ولا إنسان بدون تنمية . وصفة " البشرية " أو الإنسانية التي جاءت كنعت للشيء الموصوف وهو التنمية ، لا تخلو من مغزى حول أهمية الإنسان في منظور التنمية البشرية ، وهذا ما يفسر تعريف البرنامج الإنمائي لهذه الأخيرة بأنها (( تنمية الناس من أجل الناس بواسطة الناس ))  . فمصطلح " الناس" يتكرر ثلاث مرات في جملة واحدة ، مما يعني محورية الإنسان وجوهريته في العملية التنموية . وتنمية الناس تعني الاستثمار في قدرات البشر لتمكينهم من العمل والإبداع على نحو منتج وخلاق ، بينما تعني عبارة (( من أجل الناس )) أن الإنسان هو الهدف والغاية في عملية التنمية . وقد جاءت في صيغة الجمع للدلالة على ضمان توزيع ثمار النمو الاقتصادي على كل البشر توزيعا عادلا  . أما عبارة (( بواسطة الناس )) فتعني أن الإنسان هو وسيلة وأداة التنمية ، وأن من حقه المشاركة فيها قصد الاستفادة من عوائدها ، لذلك أصبحت المشاركة الشعبية التي تحيل على دور الإنسان في الحياة التنموية من المقولات الرئيسية في التنمية البشرية وأحد غاياتها. .

ويؤكد المهتمون بهذا الحقل أن تنمية الموارد البشرية يعتبر الإنسان جزءا لا يتجزأ من التنمية الاقتصادية  ، لذلك لا نبالغ إذا تبنينا مقولة " إنسية " التنمية البشرية لكونها تتجه في المقام الأول نحو الإنسان وتنميته جسديا ونفسيا وعمليا ، وزيادة خبراته وتأهيله تأهيلا مناسبا ، مع إشباع حاجياته الصحية والتعليمية وصيانة حقوقه المدنية .

ولعلّ المعادلة التي تكشف عن العلاقة الجدلية بين التنمية البشرية والإنسان ، هو أن مسؤولية التنمية لا تلقى على عاتق الدولة فحسب ، بل هي مسؤولية الإنسان نفسه ، شريطة أن تؤمن له الدولة وسائل التنمية ، فبواسطة الموارد الاقتصادية يستطيع بعقله وأفكاره أن يطور ويستخدم هذه الموارد بمهارة وكفاءة ، كما يمكنه أن يبتكر ويزيد في كميات الإنتاج ويبدع التكنولوجيا الحديثة بمهاراته الذهنية .

ومن تحصيل الحاصل أن التركيز على الإنسان كوسيلة وغاية في التنمية البشرية، يعني منح صفة الديمومة والاستمرارية  لها ، لأن الإنسان هو عنصر الحاضر كما هو عنصر المستقبل ، ولا يمكن للإنسان الراهن أن يحتكر ثمار التنمية لنفسه دون أن يورثها للإنسان المستقبل ؛ لذلك نعتت التنمية البشرية بأنها إنسانية من جهة ، وأخلاقية من جهة أخرى ، فبقدر ما هي قضية تنموية أخلاقية ، بقدر ما تصوغ الحاضر كما تصوغ مستقبل الأجيال القادمة  ، وبالتالي فهي ملك للإنسان والإنسانية حاضرا ومستقبلا .


المراجع

 قاسم محمد عبد الدليمي ، م، س، ص159 .


 رياض طبارة (( تنمية الموارد البشرية وأبعادها السكنية في الوطن العربي )) ، بحث نشر ضمن أعمال ندوة تنمية الموارد البشرية في الوطن العربي ، دار الرازي ، الكويت 1987 .

 اسماعيل شلبي ، م، س، ص537 .


 الأمم المتحدة ، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، تقرير التنمية البشرية لعام 1993 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت 1993 ، ص3 . وقد ورد في تقرير التنمية 2007/2008 أن التنمية البشرية تتعلق بالناس ،

 قاسم محمد عبد الدليمي ،(( الديموقراطية والتنمية المستدامة في الوطن العربي ))، نشر ضمن أعمال المائدة المستديرة ....، م، س، ص 158 .






موقع أعرف